اثبت بالدليل القاطع

تقوم المناصرة على دعم قضايا والمطالبة بتغيير ما عبر التأثير على عملية صناعة القرار، وعلى جانب آخر تحتاج عملية المناصرة لتأييد من أصحاب مصالح وأطراف متعددة، وهذا ما يجعل عملية الإقناع هي إحدى ركائز عمل المناصرة، حيث أن كسب التأييد يأتي عبر اقتناع الأطراف الأخرى بأولوية القضية التي تتبناها مناصرتك وبضرورة التغيير.

لكل طرف طريقة في التفكير ومصالح وتوجهات وسلوك ومرجعيات، بالإضافة إلى الطرق الأنسب للتلقي وحدوث التأثير، لذا فإن طبيعة ما تقدمه من محتوى لكل شريحة أو طرف من هؤلاء المستهدفين وأصحاب المصالح تختلف حسب نمط التلقي والتفكير، ولكن قبل كل شيء، كيف لفريق المناصرة أن يقنع كل هؤلاء دون وجود دليل منطقي وحقيقي وموثوق يقوم الفريق بعرضه أمام تلك الفئات من أجل إقناعهم وحشدهم من أجل مناصرة القضية المطروحة والانتصار للتغيير المنشود. 

الدليل والإقناع:

العديد من حملات المناصرة لا تأتي أكلها بالرغم من الجهود الجبارة والعمل الجاد والموارد التي يتم إنفاقها من أجل هدف سامٍ ونبيل، في كثير من الأحيان يكون في مقدمة أسباب ذلك هو فشل القائمين على تلك الحملات في الإقناع وتقديم الأدلة المنطقية وأحياناً ما يكون القصور في طريقة عرض تلك الأدلة. لذا فإن استغرافق الوقت في البحث وجمع البيانات والتحليل وتصميم وسائل العرض من أجل الوصول لـ وعرض أدلة منطقية وحقيقية وملموسة تؤكد على وجود المشكلة وأولوية الحل، بل وملاءمة الحل المطروح للسياق ومنطقيته من أجل استمرار الأثر المبتغى على الفئات التي ننتصر لها ولقضاياها.

تتعدد الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها العمل على جمع وصياغة الأدلة والبراهين التي نبني عليها مناصرتنا، ويمكن اختيار إحدى تلك الوسائل أو عدد منها حسب طبيعة العمل والسياق والهدف من وراء جمع تلك الأدلة.

التقارير الموثوقة:

هناك نوعان أساسيان من البيانات وهي: البيانات الأولية وهي البيانات التي يتم جمعها من الميدان وبشكل مباشر من قبل القائمين على البحث، أما النوع الثاني فهو البيانات الثانوية وهي البيانات التي نحصل عليها من تقارير ووثائق تم إنتاجها في السابق أو عن طريق أطراف أخرى، لذا تعتبر عملية جمع الأدلة من تقارير أخرى هي عملية للحصول على بيانات ثانوية، ومن المهم في هذه الحالة أن تكون مصادر البيانات هي مصادر موثوقة ومعترف بها ولا يوجد شكوك تجاه مصداقيتها، فمثلأً تقارير هيئات الأمم المتحدة والتقارير الصادرة عن مؤسسات حكومية ومؤسسات بحثية وأكاديمية معترف بها هي من المصادر التي يمكن الاعتماد عليها، ولكن قبل كل شيء علينا الإجابة على سؤال أساسي وهو: لماذا نجمع هذه البيانات/الأدلة.

البحوث الميدانية:

تتعدد أشكال البحوث الميدانية وأساليبها، ولكن تبقى من أهم طرق جمع الأدلة وعرضها وذلك كونها مرتبطة بأرض الواقع والاتصال المباشر مع الأطراف والاماكن ذات العلاقة، لذا تأتي عملية البحث بنتائج عضوية ومقاربة للواقع. 

بحوث السياسات:

تركز بحوث السياسات على دراسة أثر السياسات الموضوعة وتطبيقها على استمرار المشكلة وعلى الحل، وكذلك الخروج بمقترحات تتعلق بتلك السياسات أو مقترحات لسياسات للتبنّي من أجل إحداث التغيير، وتعتبر بحوث السياسات من الطرق ذات الفاعلية لإنتاج تقارير تؤكد على ضرورة التغيير عبر التأثير على سياسات بعينها. 

جمع شهادات: 

تعد عملية جمع الشهادات هي إحدى الطرق لجمع قصص من الواقع تدلل على وجود المشكلة والضرر وعلى ضرورة الحل، وذلك من خلال جمع قصص وشهادات من المتأثرين بالمشكلة والمتضامنين معهم وشهود العيان ما يمد الفريق بأدلة ذات بعد إنساني وحقيقي. 

جمع الصور والوثائق: 

تعد الوثائق والصور من الوسائل الداعمة للتدليل على المشكلة والأثر والحل المطلوب، حيث تعتبر من الأدلة المادية التي يمكن الاستعانة بها أو تقديمها لصناع القرار أو للرأي العام أو الأطراف المعنية من أجل اتخاذ موقف محدد.

استخدام التكنولوجيا في جمع الأدلة: 

يلعب التطور التكنولوجي دوراً كبيراً في القدرة على الوصول للأدلة والمساهمة في إثراء المحتوى البحثي بشكل عام، فمع ظهور وتطور وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات وقواعد البيانات المختلفة أصبح من السهل الوصول للعديد من فئات الجمهور والمبحوثين، جمع البيانات وتحليلها، والوصول للمصادر التي تم إنتاجها من قبل الآخرين، كذلك تستطيع عرض الأدلة بأساليب إبداعية مختلفة.

بشكل عام، يمكن القول أن الوقت والجهود المبذولة في جمع الأدلة وصياغتها وتصميم وسائل العرض لها هو وقت استثمار حقيقي من أجل تحقيق أنشطة مناصرة مؤثرة وقادرة على إحداث التغيير وما نود التأكيد عليه في النهاية هو تحري الدقة عند جمع الأدولة والرجوع لمصادر متعددة من أجل التأكد من صحة البيانات التي يتم جمعها.