
يشهد العالم تقدماً متسارعاً في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) الذي بدأ يؤثر على كافة مناحي الحياة تقريباً، بما في ذلك المجال السياسي. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، تثير مسألة تأثير الذكاء الاصطناعي على الانتخابات اهتماماً متزايداً نظراً للدور الذي يمكن أن يلعبه في تعزيز المشاركة أو إقناع الناخبين أو حتى التأثير على نتائج الانتخابات والعملية الانتخابية ككل.
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤثر على الانتخابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
- تطوير الحملات الانتخابية: يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات هائلة من البيانات حول الناخبين، بما في ذلك ملفاتهم الشخصية، وسلوكهم على الإنترنت، وآرائهم السياسية. بناءً على هذه البيانات، يمكن تطوير حملات انتخابية مُستهدفة تصل إلى الناخبين برسائل مصممة خصيصاً لتأثير على آرائهم وقرارات التصويت.
- التواصل مع الناخبين: من الممكن الاستفادة من برامج الدردشة الآلية (Chatbots) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للتواصل مع الناخبين بشكل مباشر، والإجابة على أسئلتهم حول البرامج الانتخابية للمرشحين، وتسجيلهم للتصويت.
- مراقبة ومكافحة المعلومات المضللة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً إيجابياً في مراقبة ومكافحة المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي تنتشر عبر الإنترنت خلال الحملات الانتخابية. حيث يمكن تطوير أنظمة ذكية قادرة على رصد المحتوى المزيف وإزالته من على المنصات الاجتماعية.
- تعزيز المشاركة المدنية: من الممكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتشجيع الناخبين، وخاصة الشباب، على المشاركة في العملية الانتخابية. حيث يمكن استخدام برامج توعوية تفاعلية تعمل بالذكاء الاصطناعي لشرح أهمية التصويت وتقديم معلومات دقيقة حول المرشحين والبرامج الانتخابية.
- إدارة العملية الانتخابية: يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة العملية الانتخابية برمتها، بما في ذلك تسجيل الناخبين، والتصويت الإلكتروني، والفرز الإلكتروني للأصوات.
التحديات والمخاوف المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الانتخابات:
- التحيّز الخوارزمي: قد تعاني الخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من تحيّزات خفية تؤثر على نتائج التحليلات الخاصة بالناخبين، مما قد يؤدي إلى استهداف الناخبين بشكل غير عادل لصالح مرشحين محددين.
- التلاعب بالمعلومات: يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة وترويج أخبار كاذبة ومواد دعائية مُضللة مصممة خصيصاً لتأثير على سلوك الناخبين، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية.
- انتهاك الخصوصية: قد يؤدي جمع وتحليل البيانات الشخصية للناخبين باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى انتهاك للخصوصية، خاصة في ظل غياب قوانين وتشريعات واضحة تحمي بيانات المستخدمين.
- تركز القوة بيد شركات التكنولوجيا الكبرى: قد يؤدي الاعتماد الكبير على شركات التكنولوجيا الكبرى التي تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى تركيز كبير للقوة بيد هذه الشركات، مما يثير مخاوف حول حياد العملية الانتخابية.
ضرورة وضع إطار تنظيمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الانتخابات:
في ظل التحديات والمخاوف المذكورة أعلاه، تبرز الأهمية القصوى لسن قوانين وتشريعات تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية، مع مراعاة الأمور التالية:
- ضمان الشفافية والمساءلة: يجب أن تكون هناك قواعد واضحة تلزم المرشحين والأحزاب السياسية بالكشف عن استخدامهم للذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية، بما في ذلك الكشف عن خوارزميات وأساليب تحليل البيانات المستخدمة.
- حماية البيانات الشخصية: ينبغي سن قوانين لحماية البيانات الشخصية للناخبين، وتحديد كيفية جمع وتحليل هذه البيانات من قبل الجهات المعنية بالانتخابات والحملات الانتخابية.
- مكافحة المعلومات المضللة: يجب وضع ضوابط صارمة لمكافحة المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي يتم إنشاؤها أو تداولها باستخدام الذكاء الاصطناعي. كما يمكن التفكير في إلزام منصات التواصل الاجتماعي بتطوير آليات فعالة للكشف عن المحتوى المزيف وإزالته.
- تعزيز مهارات الوعي الرقمي: من الضروري تنفيذ برامج توعوية لتعزيز مهارات الوعي الرقمي لدى الناخبين، لمساعدتهم على تمييز المعلومات الصحيحة من المضللة، وتقييم المحتوى الذي يتلقونه عبر الإنترنت بشكل نقدي.
- تعزيز دور الهيئات المستقلة: يجب تعزيز دور الهيئات المستقلة المسؤولة عن تنظيم وإدارة الانتخابات، وتزويدها بالخبرات والموارد اللازمة لمراقبة ومتابعة استخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية.