حماية مناصرو/ات حماية البيئة وحقوق الإنسان: العراق انموذجاً

يواجه العراق ضعفاً متزايداً بسبب التدهور البيئي الكبير والإهمال، والافتقار إلى الأطر القانونية والتنظيمية للإدارة البيئية، والقدرة المؤسسية المحدودة. وتواجه البلاد ارتفاع درجات الحرارة، وتناقص هطول الأمطار، وزيادة حالات الجفاف، وندرة الموارد المائية. وتتفاقم هذه القضايا بسبب سياسات المياه التي تنتهجها الدول المجاورة والتي تقلل من مصادر المياه، مما يزيد من الضغط على موارد المياه في العراق. أثارت الأزمة البيئية الناتجة العديد من الاحتجاجات، بما في ذلك تلك التي اندلعت في البصرة في عام 2018، والتي سلطت الضوء على المخاوف بشأن ندرة المياه، وكذلك الاحتجاجات الأخيرة في ذي قار في عام 2023، التي كشفت عن عواقب حالات الجفاف التي تمت إدارتها بشكل سيء والمساهمة في ندرة المياه.

ظهرت حملة قوية، نفذتها منظمات عراقية كجزء من نشاط المنح الفرعية من قبل الابتكار للتغيير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالشراكة مع مركز الخليج لحقوق الإنسان، استجابةً للآثار الخطيرة لتغير المناخ وتقلص المساحات المدنية في العراق. من خلال الدعوة إلى حماية الناشطين في مجال البيئة وتعزيز حماية حقوق الإنسان في بيئة العراق الصعبة، أصبحت “حملة آفاق المناخ” بمثابة الصمود.

جمعت هذه الحملة، التي انطلقت في سبتمبر/أيلول وتستمر حتى أكتوبر/تشرين الأول 2023، منظمات حقوقية عراقية مختلفة، بما في ذلك شبكة المرأة العراقية، ومنظمة تنمية قدرات المرأة المستمرة، ومنظمة التوحد للتنمية وحقوق الإنسان.

كان الهدف من حملة آفاق المناخ هو زيادة الوعي العام بقضية النزوح القسري الناجم عن المناخ وإدانة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات العراقية، والتي اتسمت بالهجمات المستهدفة على نشطاء المناخ في العراق خلال الاحتجاجات السلمية. وشجعت الحملة السلطات العراقية على وقف هذه الممارسات المتعمدة. وسعت إلى تعزيز فهم أوسع للصلة بين العدالة المناخية وحقوق الإنسان، وحثت السلطات والجماعات المسلحة على الامتناع عن الانتقام من الناشطين في مجال البيئة أو المتظاهرين.

كما شاركت الحملة بنجاح في جهود المناصرة الرامية إلى وضع استراتيجية وطنية للتصدي لتغير المناخ ومكافحته. وتضمنت هذه الجهود انخراطًا مستهدفًا مع صناع السياسات وقادة المجتمع وخبراء البيئة، مع التأكيد على العلاقة التي لا تنفصم بين العدالة المناخية وحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، طورت الحملة خريطة تفاعلية لتسجيل حالات النزوح القسري الناجمة عن تغير المناخ، مما يمثل خطوة مهمة إلى الأمام. تسهل هذه المنصة، التي يمكن الوصول إليها عبر https://cdm-iq.com/، إجراء بحث متعمق وتصور لقضية النزوح. كما أنه يطلع الجمهور وصناع القرار على انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن تغير المناخ في العراق.

ويمتد تأثير الحملة إلى ما هو أبعد من مجرد نشر الوعي عبر الإنترنت. وتمت صياغة أوراق موقف وسياسات شاملة، تقدم توصيات لمعالجة تحديات تغير المناخ وحماية المتظاهرين السلميين والناشطين البيئيين. تم إعداد هذه الأوراق من خلال جلسات تشاورية مع منظمات المجتمع المدني العراقية والسلطات المحلية والناشطين/ات في مجال البيئة. وشارك ممثلون/ات عن المجتمع المدني والجماعات البيئية والمنظمات الحكومية في جلسة الحوار الختامية للحملة. هدفت هذه الجلسة إلى وضع الأساس للتعاون المستقبلي بناءً على النقاط والمقترحات المثارة في ورقة السياسة.

ويعد جاسم الأسدي، وهو ناشط بيئي معروف معروف بتوثيق آثار تغير المناخ على المستنقعات، شخصية بارزة في هذه الحركة. وعلى الرغم من اختطافه وتعرضه للتعذيب على يد مجموعة مسلحة تحاول إسكاته، إلا أن صمود الأسدي تزايد. لقد جعلته تجاربه شاهدا لا يقدر بثمن للحملة، حيث سلط الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها الناشطون البيئيون في العراق.

تشير الردود الإيجابية من المسؤولين المحليين إلى تزايد الاعتراف بكيفية تأثير تغير المناخ على المواطنين، خاصة أثناء الاحتجاجات. إن حملة آفاق المناخ هي شهادة على الإمكانات التحويلية للعمل الجماعي. يوضح هذا الجهد كيف يمكن للمجتمعات أن تتحد حول هدف مشترك وإحداث تغيير إيجابي، حتى في ظل التحديات الكبيرة.